مدارس التحليل الفني

التحليل الفني هو علم وفن دراسة وتحليل أسعار الأدوات المالية باستخدام الرسوم البيانية والمؤشرات التقنية. تهدف مدارس التحليل الفني إلى تقديم طرق وأساليب متنوعة لتحليل الأسواق المالية بهدف اتخاذ قرارات استثمارية صحيحة. هناك العديد من المدارس في التحليل الفني التي تقدم أساليب مختلفة، مما يسمح للمتداولين والمستثمرين باختيار النهج الذي يناسب أسلوبهم في التداول.
المدارس الرئيسية للتحليل الفني
التحليل الفني لا يعتمد على نهج واحد فقط، بل يحتوي على العديد من المدارس التي تختلف في الطريقة التي تُستخدم فيها الأدوات المختلفة. من أبرز هذه المدارس:
المدرسة التقليدية للتحليل الفني
المدرسة التقليدية هي الأسلوب الأكثر شهرة في التحليل الفني. تعتمد هذه المدرسة على استخدام الرسوم البيانية وأنماط السعر للتنبؤ بحركات السوق المستقبلية.
نظرية داو
نظرية داو هي واحدة من أهم الأسس التي تقوم عليها المدرسة التقليدية للتحليل الفني. تعود هذه النظرية إلى تشارلز داو، الذي كان من أوائل من استخدموا الرسوم البيانية لتحليل الأسواق. تنص هذه النظرية على أن السوق يتكون من ثلاثة أنواع من الحركات: الاتجاهات الأولية، الاتجاهات الثانوية، والاتجاهات الصغيرة. كما أن الأسواق تتحرك في اتجاهات واضحة يمكن تحديدها باستخدام تحليل الأسعار.
مؤشرات التحليل الفني الأساسية
تعتمد المدرسة التقليدية على مؤشرات التحليل الفني الأساسية مثل المتوسطات المتحركة، ومؤشر القوة النسبية (RSI)، ومؤشر MACD. تستخدم هذه المؤشرات لمساعدة المتداولين في تحديد نقاط الدخول والخروج في السوق، وكذلك لتأكيد الاتجاهات.
مدرسة الأنماط السعرية (Chart Patterns)
تعتبر مدرسة الأنماط السعرية من المدارس المهمة في التحليل الفني، حيث تعتمد على دراسة الأنماط التي تظهر على الرسوم البيانية للتنبؤ بحركة الأسعار في المستقبل. يعتقد متبعو هذه المدرسة أن الأنماط التي تتكرر بمرور الوقت هي مؤشرات قوية لتحديد حركة السوق.
الأنماط التماثلية
الأنماط التماثلية هي الأنماط التي تشكل أشكالًا معينة على الرسوم البيانية وتشير إلى تحركات محتملة في السوق. من أشهر هذه الأنماط: رأس وكتفين، المثلثات، والأعلام. تشير هذه الأنماط إلى أن هناك احتمالًا كبيرًا لتغيير الاتجاه الحالي للسعر.
الأنماط التصحيحية
الأنماط التصحيحية هي الأنماط التي تشير إلى تصحيح السعر بعد حركة صعودية أو هبوطية قوية. من الأمثلة الشائعة على الأنماط التصحيحية: المثلثات الهابطة والمثلثات الصاعدة. هذه الأنماط تشير إلى فترة تصحيح قبل أن يستمر السوق في الاتجاه الأصلي.
مدرسة التحليل الكمي (Quantitative Analysis)
مدرسة التحليل الكمي تعتمد على استخدام النماذج الرياضية والإحصائية لتحليل البيانات المالية. هذه المدرسة لا تعتمد على الفهم التقليدي للرسوم البيانية أو الأنماط السعرية، بل على الحسابات المعقدة التي تهدف إلى فهم العلاقة بين مختلف العوامل الاقتصادية والمالية.
النماذج الرياضية
في التحليل الكمي، يتم استخدام النماذج الرياضية لتحديد العلاقة بين أسعار الأصول والعوامل المختلفة التي قد تؤثر عليها. على سبيل المثال، يتم استخدام النماذج الحسابية لمعرفة كيف تؤثر البيانات الاقتصادية مثل معدلات الفائدة والتضخم على حركة الأسواق.
الخوارزميات والتداول الآلي
يتبع المتداولون في مدرسة التحليل الكمي أساليب التداول الآلي باستخدام الخوارزميات. هذه الخوارزميات تقوم بتحليل الأسواق وتنفيذ المعاملات بشكل تلقائي بناءً على الشروط التي يتم تحديدها. يعتمد هذا الأسلوب على البيانات الكبيرة (Big Data) لاستخراج الأنماط التي يصعب رؤيتها بالعين المجردة.
مدرسة التحليل النفسي (Psychological Analysis)
التحليل النفسي هو مدرسة تهتم بدراسة سلوك المتداولين وتأثيرات نفسية السوق على الأسعار. يركز هذا النوع من التحليل على فهم كيف يؤثر المزاج العام والتفاعل الجماعي على السوق.
تأثيرات التحليل النفسي على السوق
يعتقد المتبعون لهذه المدرسة أن الأسواق ليست فقط مدفوعة بالأرقام والأدوات التقنية، بل أيضًا بالعواطف البشرية مثل الخوف والطمع. تؤثر هذه العواطف على قرارات المتداولين، مما يؤدي إلى فترات من المبالغة في التفاؤل أو التشاؤم.
الدورة النفسية للسوق
التحليل النفسي يتضمن دراسة الدورة النفسية للسوق، والتي تتكون من عدة مراحل تشمل التفاؤل، التردد، التشاؤم، واليأس. هذه الدورة تميل إلى التكرار في الأسواق، ويمكن أن تساعد المتداولين في التنبؤ بحركات السوق بناءً على الفهم العميق للسلوك البشري الجماعي.
مدرسة التحليل الذاتي (Self-Analysis)
التحليل الذاتي هو مدرسة تركز على تطوير مهارات المتداول الشخصية وتحسين القدرة على اتخاذ القرارات. تعتمد هذه المدرسة على مبدأ أن المتداول يجب أن يكون على دراية بذاته وبنقاط قوته وضعفه لتحسين استراتيجياته في السوق.
المراجعة الذاتية
في التحليل الذاتي، يقوم المتداولون بمراجعة قراراتهم السابقة وتحليل الأخطاء التي ارتكبوها لتجنب تكرارها في المستقبل. يتضمن ذلك تقييم استراتيجيات التداول والتعرف على الأنماط الشخصية التي قد تؤثر على قراراتهم.
الانضباط النفسي
يعتبر الانضباط النفسي من الجوانب الأساسية لهذه المدرسة. فالتحليلات النفسية تدعو المتداولين إلى التحكم في عواطفهم والانضباط في اتخاذ القرارات بناءً على استراتيجيات محددة مسبقًا، وليس بناءً على التفاعلات العاطفية اللحظية.
مدرسة التحليل البيئي (Environmental Analysis)
التحليل البيئي هو مدرسة تتناول دراسة العوامل الخارجية التي قد تؤثر على السوق مثل الأوضاع الاقتصادية العالمية، والسياسات الحكومية، والتغيرات في الأسواق العالمية.
التأثيرات الاقتصادية
مدرسة التحليل البيئي تركز على دراسة تأثير الأحداث الاقتصادية على الأسواق المالية. مثلًا، قد تؤدي تقارير الأرباح أو البيانات الاقتصادية مثل التوظيف والنمو الاقتصادي إلى تغيرات في حركة الأسعار.
التأثيرات السياسية
من المهم أيضًا في التحليل البيئي متابعة الأحداث السياسية التي قد تؤثر على الأسواق. الحروب، الانتخابات، أو التغييرات في السياسات الاقتصادية قد تؤدي إلى تقلبات حادة في الأسواق المالية.
التحليل الفني هو علم يتضمن العديد من المدارس المختلفة التي تتبنى أساليب متنوعة لفهم وتحليل الأسواق المالية. من المدارس التقليدية التي تعتمد على الرسوم البيانية والمؤشرات، إلى المدارس الحديثة التي تعتمد على الخوارزميات والبيانات الكبيرة، تتنوع الطرق والأساليب المتاحة أمام المتداولين. لكل مدرسة مزاياها وعيوبها، واختيار الأسلوب المناسب يعتمد على شخصية المتداول ونوع السوق الذي يتداول فيه.